إقرأ ايضاً

خطبة بعنوان ( الصدق في الاقوال والافعال ) للشيخ / ثروت سويف

Unknown - فيبراير 23 2023

أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلاة الرواتب الشيخ ابن عثيمين

صديق - فيبراير 19 2023

خطبة عن (مناسك الحج – وفاة الشيح ابن حميد) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

صديق - فيبراير 19 2023
جاري تحميل ... كنز الخطباء

إعلان الرئيسية

خطب منوعة

حَقُّ الطَريقِ وبَيانُ خُطُورةِ الآبارِ المَهْجُورَةِ والمُهْمَلَةِ

 


حَقُّ الطَريقِ وبَيانُ خُطُورةِ الآبارِ المَهْجُورَةِ والمُهْمَلَةِ


thumb_1612344249b8484a5cc5395c968ffdd38a095f8a7b





الخطبةُ الأولى

إِنَّ الحَمدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه ، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً ، أمّا بعدُ :


عِبادَ الله ، اتقُوا اللهَ تعالى ، واعلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدْ أَكْمَلَ لَنا الدِّينَ ، وجَعَلَه شامِلاً لِجَمِيعِ شُؤُونِ الحياةِ ، والتي مِنْها ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن آدابِ الطريقِ وحُقُوقِهِ 


 عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ : «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالَنا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : «إِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» ، قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : «غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ السَّلاَمِ ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ» متفقٌ عليه 


 وَمَا وَرَدَ في هذا الحديثِ هُوَ بَعْضُ حُقُوقِ الطَّريقِ وأَهَمُّها ، وقَدْ بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ الجُلُوسِ في الطُّرُقاتِ التي يَسْلُكُها الناسُ ، إلا إذا قامَ بِحَقِّها وآدابِها .


أوَّلُّها : غَضُّ البَصَرِ ، وَعَدَمُ تَتَبُّعِ العَوْراتِ والبَحْثِ عَنْ مَوَاطِنِ الرِّيَبِ ، وَعَدَمُ النَّظَرِ إلى ما يُثِيرُ الشَّهْوَةِ ، أَوْ الجُلُوسُ أَمامَ أبْوابِ البُيُوتِ وإِحْراجُ أَهْلِها .


الثاني : كَفُّ الأَذَى وعَدَمُ إيذاءِ الناسِ في أَبْدانِهِم أَوْ أَعراضِهِم ، فَإِنَّ الْمسلمَ مَنْ سَلِمَ الْمسلمونَ مِنْ لِسانِهِ ويَدِهِ .


ويَدْخُلُ في كَفِّ الأَذَى إزالَةُ الأَذَى عَنْ الطريقِ ، بَلْ إِنَّ ذلكَ مِنْ الإيمانِ ، قال رسولُ اللهُ صلى الله عليه وَسَلم : «الإيمانُ بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةٌ ، فَأَفْضَلُها قَوْلُ لا إله إلا اللهُ ، وأَدْناها إِماطَةُ الأَذَى عَن الطريقِ ، والحَياءُ شُعْبَةٌ مِن الإيمانِ» متفقٌ عليه 


 وَهُوَ مِن الصَّدَقاتِ ، وبِسَبَبِهِ أُدْخِلَ رَجُلٌ الجنةَ ، قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطريقٍ ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطريقِ فَأَخَّرَه ، فَشَكَرَ اللهُ لَه فَغَفَرَ لَه» متفقٌ عليه   .


ومن أذيَّةِ الناسِ في الطُّرُقاتِ قَضاءُ الحاجَةِ في طَرِيقِ الناسِ أَوْ ظِلِّهِمْ ، أَوْ إِلقاءُ القاذُوراتِ والأَشْياءِ الْمُؤْذِيَةِ في طُرُقِ الناسِ وَمَمَرَّاتِهِم وَأَماكِنِ جُلُوسِهِم وَمُسْتَراحِهِم ، وقَدْ قال صلى اللهُ عليه وسلم : «اتَّقُوا اللّعَّانَين» ، قالُوا : وما اللَّعَّانانِ يا رسولَ الله؟ ، قال: «الذي يَتَخَلَّى في طَريقِ الناسِ أَوْ ظِلِّهِم» رواه مسلمٌ .


ويَدْخُلُ في ذلك الـحُفَـرُ والتَعَرُّجاتُ التي تَكُونُ في الطُّرُقِ الفَرْعِيَّةِ والرئِيسِيَّةِ ، والتي تُلْحِقُ الضَّرَرَ بِمَرْكَباتِ الناسِ ومُمْتَلَكاتِهِم ، وَتُسَبِّبُ كَثيرًا مِنْ الحَوادِثِ ، إِضافَةً إلى إِهمالِ بَعْضِ الْمُقُاوِلِينَ وَتَرْكِ مُخَلَّفاتِ أعمالِهِمْ دُونَ تَسْوِيَةٍ لِأَثَرِ أعمالِهِم ، وَإِنْ أَزالُوها فَإِنَّهُم لا يَعْتَنُونَ بِرَدْمِها وتَسْوِيَتِها كَمَا يَنْبَغِي فَيَكُونُ أَثَرُها على الناسِ وسَيَّاراتِهِم ظاهِراً .


وَيَنْبَغِي عَلَيْنا أَنْ نَتَعاوَنَ في أَمْرٍ مُهِمٍّ قَدْ كَثُرَ الكَلامُ عَنْه في هذه الأَيَّامِ ، وأَصْبَحَ حَدِيثَ كَثيرٍ مِن الناسِ ، لِمَا يُسَبِّبُه مِن خَطَرٍ عَلى الناسِ ، أَلا وَهُوَ الآبارُ الْمَهْجُورَةِ  أَوْ الْمُهْمَلَةِ ، أَوْ غَيْرِ الْمَحْمِيَّةِ والْمُؤَمَّنَةِ ، لِمَا تُسَبِّبُه مِنْ مَخاطِرَ كَثِيرَةٍ :


أَوَّلُها : عَلَى الْمُتَنَزِّهِينَ وعابِرِي الطريقِ ، خُصُوصًا الصِّغارَ الذينَ لا يُدْرِكُونَ المَخاطِرَ .


وثانِيها : عَلى الدَّوابِّ مِنْ السُّقُوطِ .


وَثالِثُها : عَلى المِياهِ الجَوْفِيَّةِ مِن التَلَوُّثِ ، لِأَنَّ الآبارَ الْمَهْجُورَةَ تُلْقَى فِيها النجاساتُ أَحْيانًا ، وَتَسْقُطُ فيها الدَّوابُّ والْمُخُلَّفاتُ .




وَرابِعُها : أَنَّ بَعْضَ الناسِ يُلْقِي الْمَصاحِفَ القَدِيمَةَ ، والأوْراقَ التي فِيها ذكْرُ اللهِ ، فرُبَّمَا يُلْقَى مَعَها الْمُخَلَّفاتِ والنَجَاساتُ .


فيَنْبَغِي عَلَيْنا أَنْ نَتَعاوَنَ مَعَ وَزارةِ البِيئَةِ والْمِياهِ والزِّراعَةِ عَلى البَلاغِ عَن الآبارِ الْمُهْمَلَةِ والْمُعَطَّلَةِ ، أَوْ غَيْرِ الْمَحْمِيَّةِ والآمنَةِ في ذلك .


باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون ، وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .


الخطبةُ الثانيةُ

الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليماً كثيراً ، أَمّا بَعدُ : 


عبادَ اللهِ ، ومِنْ حُقُوقِ الطريقِ رَدُّ السلامِ ، فَهُوَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الجنةِ ، وَهُوَ واجِبٌ عَلى الْمُسْلِمِ ، قال تعالى : {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحَسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوهَا} ، فإِذا سَلَّمَ عَلَيْكَ أَخُوكَ الْمُسْلِمُ فَإِنَّ الرَّدَّ واجِبٌ ، وإِذا كُنْتُمْ جَماعَةً أَجْزأَ واحِدٌ عَن الجَمِيعِ .


ومِنْ حَقِّ الطريقِ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وهذا بابٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ والقَدْرِ ، بِهِ كانت هذهِ الأُمَّةُ خَيْرَ الأُمَمِ ، وبِتَرْكِهِ يَحِلُّ بِهِم العِقابُ .


وفي الأمْرِ بالمَعْروفِ والنَّهْيِ عَن المُنْكَرِ فَوائِدُ عَظيمَةٌ لِلْأُمَّةِ :


منها : نَجاةُ سَفِينَةِ الْمُجْتَمَعِ مِن الهَلاكِ والغَرَقِ .


وَمِنْها : قَمْعُ الباطِلِ وأَهْلِهِ .


ومِنْها : كَثْرَةُ الخَيْراتِ ، والحَدُّ مِن الشُّرُورِ .


وَمِنْها : اسْتِتْبابُ الأَمْنِ .


وَمِنْها : نَشْرُ الفَضِيلَةِ وَقَمْعُ الرَّذِيلَةِ .


وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الإنْكارُ بِالرِّفْقِ واللِّينِ ، وَبِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنِةِ ، والضَّوابِطِ الشَّرْعِيَّةِ .


اللهمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ ، لا يَهْدِي لِأَحْسَنِها إلا أَنْتَ ، واصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَها لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَها إلا أَنْتَ ، اللهم آتِ نفوسَنا تقواها ، وزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زكَّاها ، أنت وليُّها ومولاها ، اللهم خَلِّصْنا من حقوقِ خلقِك ، وباركْ لنا في الحلالِ من رزقِك ، وتوفَّنا مسلمين وألحقْنا بالصالحين 


 اللهم أَلِّفْ بينَ قُلُوبِنا وأصلِحْ ذاتَ بينِنا واهدِنا سُبُلَ السلامِ ، ونَجَّنا من الظُّلُماتِ إلى النُّور يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، اللهُمَّ أصلحْ لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا ، وأصلحْ لنا دنيانا التي فيها معاشُنا ، وأصلحْ لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا ، واجعلْ الدنيا زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ والموتَ راحةً لنا من كلِّ شرٍّ 


 اللهمَّ أصلحْ أحوالَ المسلمين حكَّاماً ومحكومين ، اللهُمَّ اجمعْ كلمةَ المسلمين على كتابِك وسنَّةِ نبيِّك محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، واجعلهم يداً واحدةً على مَنْ سواهم ، ولا تجعلْ لأعدائِهم مِنَّةً عليهم يا ربَّ العالمين ، اللهم احفظْ بلادَنا من كيدِ الكائدين وعدوانِ المعتدين ، اللهم احفظْ بلادَنا ممن يكيدُ لها ، اللهُمَّ احفظْ لهذه البلادِ دينَها وأمنَها وعِزَّتَها وعقيدتَها وسيادتَها ، وأصلحْ أهلَها وحُكَّامَها يا أرحمَ الراحمين ، اللهم اغفرْ للمسلمين والمسلماتِ والمؤمنين والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ ، إنك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعواتِ ، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} .


الوسوم:

أكتب تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *