إقرأ ايضاً

خطبة بعنوان ( الصدق في الاقوال والافعال ) للشيخ / ثروت سويف

Unknown - فيبراير 23 2023

أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلاة الرواتب الشيخ ابن عثيمين

صديق - فيبراير 19 2023

خطبة عن (مناسك الحج – وفاة الشيح ابن حميد) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

صديق - فيبراير 19 2023
جاري تحميل ... كنز الخطباء

إعلان الرئيسية

خطب المنهيات والمنكرات

خطبة بعنوان : الرِّيَاءُ وَخُطُورَتُهُ عَلَى الْأَعْمَالِ

 

خطبة بعنوان : الرِّيَاءُ وَخُطُورَتُهُ عَلَى الْأَعْمَالِ

D6hrmNNX4AE2GP1


إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [آل عمران:102].

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى بِإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ، وَبَيَّنَ لَنَا أَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ الْحِكْمَةُ مِنَ الْخَلْقِ وَالْغَايَةُ؛ فَإِفْرَادُهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْبُعْدُ عَنِ الشِّرْكِ وَالتَّنْدِيدِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ: أَعْلَى الْحَسَنَاتِ، وَالشِّرْكُ بِاللهِ أَعْظَمُ السَّيِّئَاتِ، وَلَا تَكُونُ الْعِبَادَةُ عِبَادَةً صَحِيحَةً مَقْبُولَةً إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِيهَا مُخْلِصًا لِمَوْلَاهُ، لَا يَرْجُو بِعِبَادَتِهِ إِلَّا وَجْهَ اللهِ، وَأَنْ تَكُونَ عِبَادَتُهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ r وَشَرَعَ، لَا بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ؛ قَالَ تَعَالَى: ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا  [ [الكهف:110]،

 وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عِبَادَهُ، أَيُّهُمْ أَخْلَصُ لِلَّهِ وَأَتْبَعُ لِرَسُولِهِ r، ]  لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا[ [الملك:2]، قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: (أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ؛ إِنَّ الْعَمَلَ إِذَا كَانَ خَالِصًا، وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا، وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا وَصَوَابًا، وَالْخَالِصُ إِذَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّوَابُ إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ).    

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُنَاقِضُ الْإِخْلَاصَ وَيُفْسِدُهُ، وَيُذْهِبُ أَجْرَ الْعَمَلِ الَّذِي خَالَطَهُ وَيُحْبِطُهُ: الشِّرْكَ الْأَصْغَرَ وَمِنْهُ الرِّيَاءُ، وَلِذَلِكَ خَافَ سَيِّدُ الْأَنَامِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ؛ لِشِدَّةِ خَفَائِهِ وَكَثْرَةِ دُخُولِهِ فِي الأَعْمَالِ؛ فَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ؛

 فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ t قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ r وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟». قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، فَيَعْمَلُ الْعَبْدُ الْعَمَلَ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَيَطْلُبُ مَدْحَهُمْ وَثَنَاءَهُمْ، وَهَذَا مُحْبِطٌ لِأَجْرِ مَا خَالَطَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، مُوقِعٌ لِلْعَبْدِ فِي الْخِزْيِ وَالْوَبَالِ، وَمَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ غَيْرَ رَبِّ الْعِبَادِ؛ عَاقَبَهُ اللهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يَفْضَحَهُ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ؛

 فَعَنْ جُنْدُبٍ t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ r: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]؛ بَلْ يُوكِلُ اللهُ تَعَالَى الْمُرَائِينَ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانُوا يُرَاءُونَهُمْ، وَمَنْ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى غَيْرِهِ خَابَ وَخَسِرَ؛

فَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ»، قَالُوا:

وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ - اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْمُنْذِرِيُّ]، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللهِ فَاللهُ غَنِيٌّ عَنْهُ وَعَنْ عَمَلِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى

 

الشُّرَكَا ءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي؛ تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ » [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

عِبَادَ اللهِ:

لِخُطُورَةِ الرِّيَاءِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ؛ فَقَدْأَخْبَـرَ اللهُ أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَتَوَعَّدَ المُرَائِينَ بِالْعَذَابِ الْمُهِينِ، فَقَالَ تَعَالَى: ] فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[ [الماعون:4-7]، 

وَالْمُرَاءُونَ مِنْ أَوَّلِ مَنْ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَاسْتَمِعْ مَعِي إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يُورِثُ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَالْوَجَلَ، مِنْ دُخُولِ الرِّيَاءِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r  يَقُولُ:

 «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ: 

رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.

 وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.

 وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

 فَأُوصِيكُمْ- عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لَمَّا كَانَ الرِّيَاءُ مِنْ أَخْطَرِ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ عَلَى الْعِبَادِ، وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَمَلِ أَيَّمَا إِفْسَادٍ، وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ مُعَالَجَتُهُ، وَالْحَذَرُ مِنْهُ، وَمُجَاهَدَتُهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَحْقِيقِ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ، وَمُجَاهِدَةِ الْقَلْبِ فِي التَّوَجُّهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ لِلَّهِ؛ 

فَحِينَ يَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ لَيْسَتْ بَأَيْدِي النَّاسِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِإِلَهِ النَّاسِ، مَا اشْتَغَلَ بِالْبَحْثِ عَنْ ثَنَائِهِمْ، وَلَا الْتَفَتَ إِلَى سَخَطِهِمْ، مَا دَامَ أَمْرُهُ وَعِبَادَتُهُ لِلَّهِ، وَقَلْبُهُ مُتَوَجِّهٌ لِرَضَى الْإِلَهِ.

وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي إِخْفَاءِ الطَّاعَاتِ، وَيَبْتَعِدَ عَنْ إِظْهَارِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَدْعُو إِلَى إِظْهَارِهَا لِحَثِّ النَّاسِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ هُوَ إِخْفَاءُ الْعَمَلِ بُعْدًا عَنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَتَدَبَّرْ كَيْفَ يُظِلُّ اللهُ الْعَبْدَ الْمُتَصَدِّقَ حِينَ أَخْفَى صَدَقَتَهُ، وَالْخَاشِعَ حِينَ أَخْفَى بُكَاءَهُ،  (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t]. 

وَإِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ أَنْ تَجِدَ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ الْحَسَنَةَ أَوْ فَعَلَ الطَّاعَةَ: كَصَدَقَةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صِيَامٍ، لَا يُبَالِي بِنَشْرِ عَمَلِهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَخُصُوصًا مَعَ تَيَسُّرِ ذَلِكَ بِالْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ، وَهَذَا مِمَّا يُدْخِلُ عَلَى الْعَبْدِ الرِّيَاءَ، فَيُذْهِبُ عَلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ، وَيُحْرِقُ عَلَيْهِ حَسَنَاتِهِ، فَالْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَر مِمَّا يُكَدِّرُ صَفْوَ الْإِخْلَاصِ، وَيُدْخِلُ الْعَبْدَ فِي ظُلُمَاتِ الْإِشْرَاكِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا r إِلَى دُعَاءٍ عَظِيمٍ يَنْبَغِي عَلَيْنَا مُلَازَمَتُهُ؛ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ التَّخَلُّصِ مِنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ؛ فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ t قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بِكْرٍ الصِّدِّيقِ t إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ r: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟». قَالَ: 

«قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

وَاحْرِصُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى- عَلَى الْأَخْذِ بِالنَّصَائِحِ وَالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْتِزَامِ الْإِجْرَاءَاتِ الِاحْتِرَازِيَّةِ.

اللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنَ النِّفَاقِ، وَأَعْمَالَنَا مِنَ الرِّيَاءِ، وَأَلْسِنَتَنَا مِنَ الْكَذِبِ، وَأَعْيُنَنَا مِنَ الْخِيَانَةِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

 

أكتب تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *