إقرأ ايضاً

خطبة بعنوان ( الصدق في الاقوال والافعال ) للشيخ / ثروت سويف

Unknown - فيبراير 23 2023

أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلاة الرواتب الشيخ ابن عثيمين

صديق - فيبراير 19 2023

خطبة عن (مناسك الحج – وفاة الشيح ابن حميد) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

صديق - فيبراير 19 2023
جاري تحميل ... كنز الخطباء

إعلان الرئيسية

خطب المنهيات والمنكرات

خطبة بعنوان ﴿ لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ﴾

خطبة بعنوان ﴿ لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ﴾

64ef5317e5c809ff68bcef17d0ccc6ba


إِنَّ الْحَمْدَ لِله نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.


وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وَسَلَّمَ تسليماً كثيراً،


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران:١٠٢]


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء :١]


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]


أما بعدُ : فان خير الحديث كِتَابّ الله تَعَالَى وَخَيْر الْهَدْي, هَدْى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أعاذنا الله وإياكم وجميع المؤمنين والمؤمنات من البدع والضلالات والنار. 


أيها المؤمنون: إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، يجري القصاص يوم القيامة بين الخلائق ، ولا يدعُ لأحدٍ مظلمة عند أحد ، فكُل ظالمٍ سيدفع الثمن كاملاً يوم القيامةِ. 


ولهذا روى مسلم في صحيحه ؛ من حديث أبي هريرة  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال: قال رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ « لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ يَومَ القِيامَةِ... وفي لفظ ... لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلى أهْلِها يَومَ القِيامَةِ، حتَّى يُقادَ لِلشّاةِ الجَلْحاءِ، مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ. »


وهذا يدلُ على تمام عدلِ الله بين الخلائق يوم القيامة، وأنه لا بُد من تسليم الحقوق، وأنه من أخذ شيئاً بغير حقهِ ، جاء يحمله يوم القيامة ويدفع الثمن 


ولهذا روى مسلم وغيره، من حديث أبي هريرة  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، « أَتَدرونَ مَنِ المُفلِسُ؟ قالوا: المُفلِسُ فينا يا رسولَ اللهِ مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، قال: المُفلِسُ مِن أُمَّتي يومَ القِيامةِ مَن يأتي بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتَمَ عِرْضَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وضرَبَ هذا، فيؤخذ من حَسناتِه .. أي: يؤخذ من حَسناتِه لهؤلاء الخصوم ، ولهذا فإذا فنِيَتْ حَسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من سيئاتهم فطُرِحَت عليه، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ.. »

فهذا الحديث يدلُ على أنه لابُد من تسليم الحقوق كُلها ، السبة والشتمة  واللعنة والكلمة السيئة سيدفع صاحبها الثمن غاليا يوم القيامة. 

وهكذا الأموال إذا أخذ مال أحد أو أخذ شيئاً من حق أحد، لابد أن يدفع الثمن غاليا. 

روى الإمام أحمد والطبراني وابن حبان من حديث يعلى بن مرة  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال : قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، « أيُّما رجلٍ أُخِذَ شيئا من الْأَرْضِ ظلماً كَلَّفَهُ أن يَحْفِرَهُا إلى الْأَرْضِ السابعة، ثم تكون طَوَّقَا في عنقه، حتى يُقْضَى بينَ الناسِ  .» 

أنظر قطعة أرض كبرت نفسه أخذها على أخيه المسلم ، أو على قريبه أو على بعض الورثة أو على أحد طمع فيها ويظن أنها تنفعه، ولا يدري أن ضررها عليه عظيم ، فالجبار يكلفه يوم القيامةِ أن يظل يحفر تلك الْأَرْضِ حتى يبلغ بها الْأَرْضِ السابعة ، ثم يجعلها رب العالمين طوقاً عليه، تمزق لحمه، وتكسر عظامه ويبقى معذباً تحت وطأة تلك الجنادل والصحور خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الخلائق، وهو في ذلك العذاب لا يستطيع أن يتخلص ، ولايستطيع أن ينجو من جناية يده ومن عمل جوارحه.

فيا لها من جناية جنى على نفسه هذا المسكين، الذي ظن أنه قد فاز بأخذ أرضٍ أو بيت ، أو مكان أو شيء ، وهو لا يدري أن جنايتهُ على نفسه أعظم وأشد. 

لا يزال يعاني من وطأتها على جسده خمسين ألف سنة.. لا راحة.. لا راحة..

كم تمتع بتلك الارض؟ 

أو بذلك البيت أو بذلك الدكان ، الذي أخذه ظلماً على الورثة أو ظلماً على جاره أو ظلماً على فلان أو فلان .

كم تمتع خمسين سنة ستين مئة سنة ألف سنة إنه سيبقى معذباً خمسين ألف سنة، وبعد هذه المدة ربما يسقط في النار عياذا بالله.


ولهذا روى الإمام الطبراني من حديث عوف بن مالك  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، أو غيره أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، قال: «  أعظمُ الغُلولِ عندَ اللَّهِ ذراعٌ منَ الأرضِ : تجدونَ الرَّجُلَيْن جارَينِ في الأرضِ - أو في الدَّارِ - فيقتطِعُ أحدُهُما من حظِّ صاحبِهِ ذراعًا ، فإذا اقتطعَهُ طُوِّقَهُ من سبعِ أرضينَ إلى يومِ القيامةِ  .. »


أنظر الرسولُ يبين أن أعظم الغلول ذراع يقتطعه المسكين صاحب النفس الضعيفة الركيكة الأمارة بالسوء، اقتطع من حق جاره الأرض، أو في الدار أو من هنا أو من هنا فإذا اقتطعه جعله الله -عزَّ وجلَّ- طوقاً مُحكما على عنقه يوم القيامة. 


ولهذا كان السلف يخافون خوفاً شديداً من هذا 

جاء في الصحيحين، من حديث عروة بن الزبير رحمه الله ورضي عن أبيه قال: أن سَعِيدٌ بن زيد بن عمرو بن نفيل  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بنْتَ أُوَيْسٍ، إلى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، في شأن أرض فَقالَ سَعِيدٌ بنِ زَيْدٍ : أنا أخذ أرضها وقد سَمِعْتُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، يقول ما يقول فقَالَ: له مَرْوَانَ: وَما سَمِعْتَ مِن رَسولِ اللهِ؟ 

 قالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ إلى سَبْعِ أَرَضِينَ، فَقالَ له مَرْوَانُ: لا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هذا. »


أي لا يمكن أن يحصل هذا من هذا الرجل، ثم كما في غير الصحيحين « أن سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ   -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، اعطاها طلبها وتنازل عن حقه لها ثم قالَ: اللَّهُمَّ، إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَعَمِّ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا في أَرْضِهَا.

قالَ: فَما مَاتَتْ حتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بيْنَا هي تَمْشِي في أَرْضِهَا، إذْ وَقَعَتْ في حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ.»

وفي رواية لمسلم : قال مُحَمَّدِ بنِ زَيدِ بن عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، قالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ، فَبيْنَما هي تَمْشِي في الدَّارِ قال: وبينما هي تمشي في الدار التي خاصمته فيها، -أي:- التي أعطاها لها .. وهي حقه، إذا سقطت فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا.  . »

فكان يخافون رُبما يتنازل الرجل عن حقه خوفاً من هذا الوعيد الشديد. 


ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أبَا سَلَمَةَ بن عَبدِ الرَّحمنِ رحمه الله ورَضِيَ عن أبيه «  أنه كَانْ بيْنَهُ وبيْنَ قوم شجار ،  فذكر ذلك لأم المؤمنين عَائِشَةَ  -رَضِيَ اللَّهُ عنْها-، فقالتْ له يا أبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأرْضَ،  فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ،  يقولُ: مَن ظلَمَ قيدَ شِبرٍ مِن الأرضِ طُوِّقَه مِن سَبْعِ أرَضينَ يَومَ القيامةِ.  .. »

فقد كانوا يتنازلون عن حقوقهم ، مخافة أن يتورطوا هذه الورطة العظيمة .

قال ربنا في كتابه الكريم: ﴿ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ  ﴾[آل عمران : ١٦١]


يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، -أي:- شيء تأخذه سلماً ستأتي به يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وستنال أشد العقوبات وأعظم العقوبات ،


ولهذا الرحمن يجري القصاص بين الخلائق يَوْمَ الْقِيَامَةِ حتى لا يدع حقاً لأحدٍ عند أحد. 


روى الإمام أحمد وغيره من حديث عبدالله بن أنيس -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال سمِعتُ رسولَ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، « يقولُ: يجمع الله العبادَ يومَ القيامةِ أو قال: النَّاسَ عُراةً غُرْلًا بُهْمًا . قال : قلنا : وما بُهمًا يارسول الله؟ قال : ليس معهم شيءٌ ،  ..لا يملكون شيئا.. ليس معهم شيءٌ ، ثمَّ يناديهم بصوتٍ يسمعُه من بعُد كما يسمعُه من قرُب : أنا الدَّيَّانُ ، أنا الملِكُ ، لا ينبغي لأحدٍ من أهلِ النَّارِ أن يدخُلَ النَّارَ وله عند أحدٍ من أهلِ الجنَّةِ حقٌّ حتَّى أقُصَّه منه ، ولا ينبغي لأحدٍ من أهلِ الجنَّةِ أن يدخُلَ الجنَّةَ ولأحدٍ من أهلِ النَّارِ عنده حقٌّ حتَّى أقُصَّه منه حتَّى اللَّطمةَ . 

فقيل: يا رسولَ اللهِ كيف وليس معهم شيء؟ فقَالَ: الحسناتُ والسَّيِّئاتُ ، »


القصاص بالحسناتُ والسَّيِّئاتُ. 

لو أنك ذكرت رجلاً  ب كلمة واحدة. فيها إساءة إليه ستدفع ثمنها حسنات يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فانتبه أن تكون من المفلسين ، فالرسولُ بين. 

قال المُفلِسُ: من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ والصيامٍ وصدقةٍ ، يأتي وقد سب هذا وشتَمَ هذا 

بدأ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسب والشتم والكلام بالقصاص ، جاري بين الخلائق وآخذ مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته ، فإذا فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه أخذُ من سيئاتهم ثم طرحت عليه وطرح في النار .»

كم من عبد يدخل النار بسيئات غيره؟ بس اعتدائه على حقوق الخلق، كم من إنسان يدخل جهنم بسيئات غيره، يحمل سيئات غيره ، لأنه يدفع ثمن ما جناه، لسانهُ وما جنته يده وما جنته جوارحه،

ولهذا لابد من إجراء القصاص بين الخلائق ولابُد أن يدفع كل عبدٍ الثمن خاليا يوم القيامة.

جاء عند أبي داود الطيالسي وعند البزار من حديث أنس  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال: قال رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : « الظلمُ ثلاثةٌ ، فظُلمٌ لا يغفرُهُ اللهُ ، وظلمٌ يغفرُهُ ، وظلمٌ لا يتركُهُ ،

فأمّا الظلمُ الذي لا يغفرُهُ اللهُ فالشِّركُ ، قال اللهُ :  إِنَّ الْشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  ،

وأمّا الظلمُ الذي يغفرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ العبادِ أنفسُهمْ فيما بينهُمْ وبينَ ربِّهمْ ، ..المعاصي التي يرتكبها العبد بينه وبين الله، ليست للخلق فيها حقوق، هذه قد يغفرها رب العالمين.

قال: وأمّا الظلمُ الّذي لا يتركُهُ اللهُ أبداً. فظُلمُ العبادِ بعضُهمْ بعضًا حتى يَدِينَ لبعضِهِمْ من بعضٍ  ..» أي حتى يأخذ حق كل مظلوم من الظالم لا يمكن أن يدع له مثقال حبة خردل. 

فإذا كان النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قد قال كما عند أحمد حديث أبي هريرة، « يُقتصُّ للخلق بعضهم من بعض، يُقتصُّ الرحمن يُقتصُّ للخلقِ بعضِهم من بعضٍ حتَّى للجمَّاءِ من القرْناءِ ، وحتَّى للذَّرَّةِ من الذَّرَّةِ »

الذَّرَّةِ التي أعتدت على الذَّرَّةِ الأخرى يجري القصاص بينهما 

وهكذا الحيوانات ، وهكذا الطيور ، وهكذا الوحوش ، وهكذا جميع المخلوقات ، وهكذا الذين من أجلهم خُلقت الجنة والنار 

أسأل الله بعزته وجلاله أن يميتنا وليس لأحدٍ عندنا مظلمة إنه أرحم الراحمين.

الحَمْدُ للهِ ربِ العَالمِين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ،

وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ولي الصالحين. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وسلم أمام المُتقين .

أما بعدُ : 

إخوة الإيمان: 

إن المظلوم يضمن حقه عند رب العالمين ، إذا لم تجد من ينصفك من الظالم ، فسينصفك الذي 

قال في كتابه الكريم : ﴿ هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ * وَلَا یُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَیَعۡتَذِرُونَ ﴾[المرسلات : ٣٦]


﴿ هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ۖ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ *  فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَیۡد *  فَكِیدُونِ ﴾[المرسلات : ٣٩]


هناك يوم القيامة يؤذن للمظلوم أن يتكلم وأن يطرح مظلمته على الملك على مالك يوم الدين، ويقولُ للظالم أسكت ولا تتكلم. 


وتقدم أيها المظلوم فأنت بين يدي من لا يظلم أحد بين يديه، تكلم فيؤذن له أن يتكلم. 

ويقولُ: يا رب ظلمني في كذا وهذا أخذ حقي وهذا أعتدى علي، والجبار يأخذ حقه كاملاً فانتبه ! . 


روى الإمام البخاري من حديث أبي هريرة  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قال: « مَن كانت لِأَخِيه عنده مَظْلِمَةٌ من عِرْضٍ أو مالٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْه اليومَ ، قبل أن يُؤْخَذَ منه يومَ لا دينارَ ولا دِرْهَمَ ، فإن كان له عملٌ صالحٌ ، أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلِمَتِه ، وإن لم يكن له عملٌ ، أُخِذَ من سيئاتِ صاحبِه فجُعِلَتْ عليه  .» 


القصاص يوم القيامة جارٍ ، فالرسولُ رحمة بالأمة ، يقولُ من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحللها منه اليوم ، استسمح من أخيك أدفع ثمن مظلمته أدفع حقه، أعطه حقه اليوم ما دمت قادراً على العطاء قبل أن يكون العطاء من الحسنات ، وقبل أن يكون القصاص تطرح عليك سيئات المظلومين، ثم تُطرح في جهنم وبئس القرار، إنتبه! إنتبه! 


روى أبو يعلى ، من حديث أمير المؤمنين عمر  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، ورواه البزار أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ،

قال: وهو يُبين حاله مع حالنا ويبين حالنا معه كيف نحن قال: «  إني آخذ بحُجَزِكم عن النَّارِ وأنتم تتفلتون من يدي يوشك أن أرسلها. »


أنظر أنظر كيف يبين النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثم بين النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :« إنكم تأتوني يوم جماعات وأفراد فأعرفكم بأسمائكم وبالوانكم فيُؤخَذُ بعضكم ذاتَ الشِّمالِ فأقولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي فيُقالُ: إنَّك لا تَدْري ما أَحْدَثوا بَعْدَك مُرْتَدِّينَ على أعْقابِهم».


رجعوا إلى الوراء أعرضوا عن العمل بالدين أنظروا إلى أحوالهم 

ثم يقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « فلا أجدُ أحدكم يأتي يومَ القيامةِ وعلى على رقبتِه شاةٌ لها ثُغاءٌ ، يقولُ : يا رسولَ اللهِ أَغِثْنِي : فأقولُ : لا أَمْلِكُ لك شيئًا ، قد أَبْلَغْتُكَ ،قد أَبْلَغْتُكَ.



ولا ألْفِيَنَّ أحدُكم أو لا أجد أحدكم يأتي يومَ القيامةِ وعلى رقبتِه ناقة ، له رُغاءٌ يقولُ : يا رسولَ اللهِ أَغِثْنِي ، فأقولُ : لا أَمْلِكُ لك شيئًا ، قد أَبْلَغْتُكَ ، ولا أجد أحدُكم يوم القيامةِ يأتي على رقبتِه فرسٌ ، له حَمْحَمَةٌ ، فيقولُ : يا رسولَ اللهِ أَغِثْنِي ، فأقولُ : لا أَمْلِكُ لك شيئًا ، قد أَبْلَغْتُكَ ، ولا أُلْفِيَنَّ أحدُكم يأتي يومَ القيامةِ وعلى رقبِته سِقا من الأدم ، حتى السِقاء حتى القربة حتى الغرب حتى الدلو حتى القطعة الصغيرة سيأتي يحملها صاحبها فيقولُ يا محمد يا محمدٌ فأقولُ : لا أَمْلِكُ لك شيئًا ، قد أَبْلَغْتُكَ ، »


أنظر قد بلغتك فانظروا يوم القيامة يأتي كل ظالم والمظلمة على كاهله،

يأتي كل سارق والمال المسروق على كاهله. 

يأتي كُل معتدٍ ومعتداه وما أخذ في الدنيا فهو على كاهله. 

الصخور الحجار البيوت السيارات الحديد جميع المواد الصامتة والناطقة جميع الأموال الناطقة والصامتة ،

كل واحد يأتي بما أخذ ويقف بين يدي الجبار لا يستطيع أن يتزحزح ولا أن يميل حتى يسأله رب العالمين -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، 


ولهذا أرفق بنفسك أيها المسكين، أرفق بنفسك يا من أخذت حق أختك المسكينة التي لم تجد من ينسرها ولم تجد من يأخذ حقها منك ، ارفق بنفسك 

هي مؤيدة هي منصورة من الله في الدنيا والأخرة. 


قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لمعاذَ عندما أرسله إلى اليمَنِ « فاتَّقِ دَعوةَ المظلومِ؛ فإنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللَّهِ حجابٌ  .»


واتق دعوة المظلوم إحذرها ، رُبما كانت سبباً لهلاكك في الدنيا ، مع ما أعد الله لك من العذاب الإليم في الآخرة 


ولهذا قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، « ما مِن ذنبٍ أجدرُ أن يُعجَّلَ لصاحبِهِ العُقوبَةُ في الدُّنيا معَ ما يُدَّخرُ لَهُ في الآخرةِ منَ البَغيِ وقَطيعةِ الرَّحِمِ  . »


الاعتداء على حقوق الآخرين أنت حين تأخذ ميراث أختك، وحق أختك ، قطعت رحمك وبغيت عليها فأنت جدير أن يعذبك الله في الدنيا وأن يعذبك يوم القيامة ،


ما من ذنب جديرٌ من أن يعجل الله لصاحبِه في الدُّنيا مع ما يدخر له يوم القيامةِ منَ البَغيِ وقَطيعةِ الرَّحِمِ. 


 فليحذر ! جميع المسلمين من الحقوق فإن الله يأخذ كل حق لصاحبه يوم القيامة ولا يهمل مثقال ذرة. 


أسأل الله بعزته وجلاله أن يرد المسلمين إلى الحق رداً جميلاً وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً


أسأل الله بعزته وجلاله أن يرزق المسلمين العمل بكتابه وبسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، 

وأن يهدي الورثة أن يعطوا حقوق الوارثين كاملة، وأن يردوا كل حق إلى صاحبه قبل أن يكونوا من جثي جهنم وقبل أن يحملوها صخورا وبيوتاً وقبل أن يحملوها سيارات وقبل يحملوها تجارات يوم القيامة على كواهلهم. 


أسأل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، أن يرزقنا العدل في الرضا والغضب وأن يرزقنا العمل بكتابه وبسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ،

وأن يميتنا وليس لأحد عندنا مظلمة. إنه أرحم الراحمين. 


اللهم أصلح الراعي والرعية. 

اللهم أصلح الراعي والرعية. 

اللهم أصلح الراعي والرعية. 

ووحد صف الأمة المحمدية على كتابك، وعلى سنة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 


اللهم أعصم دماء المسلمين ، واحفظ أعراض المسلمين وأحفظ أموال المسلمين وأحفظ بلاد المسلمين يا رب العالمين ، وادفع عنهم شر جميع خلقك أنت رحمن الدنيا والأخرة وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ على محمد وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْابه أجمعين 

أكتب تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *