خطبة بعنوان ((تحذير المسلمين من السحرة والمشعوذين))
الخطبة الأولى
إِنَّ الْحَمْدَ لِله نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وَسَلَّمَ تسليماً كثيراً،
*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران:١٠٢]*
*﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء :١]*
*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]*
*أما بعد عباد الله :-*
اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وَخَيْر الْهَدْي, هَدْى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
*أيها المسلمون عباد الله :-*
إن من القضايا التي يجب تردادها، والمسائل التي ينبغي تعدادها، هي قضايا التوحيد، وإسلام الأمر لله العزيز الحميد، التوحيد هو الحقيقة الكبرى، التوحيد هو الحقيقة الكبرى، والقضية الأقوى، فهو أصل الدين وأساس النبوات، ومعقد لواء الرسالات.
*﴿ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِیۤ إِلَیۡهِ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ ﴾[الأنبياء : ٢٥]*
وقالَ تعالى: *﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ﴾[الذاريات : ٥٦]*
وقالَ: *﴿ وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَۖ ﴾[النحل : ٣٦]*
وإن من الأثام الشنيعة، والجرائم الكبيرة، والمزالغ الخطيرة، في باب التوحيد والعقيدة، السحر والشعوذة، السحر والشعوذة.
السحر وما أدراك ما السحر، إنه قرين الكفر، وناقض من نواقض الإسلام، من تعاطاه وعمل به، فهو كافر بالله -عزَّ وجلَّ-، خالدٌ مخلدٌ في نار جهنم، وقانا الله وإياكم شره، ودفع عنا وعنكم ضره.
قال الله:- *﴿ وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَیۡنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَۚ وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ یَقُولَاۤ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةࣱ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ﴾[البقرة : ١٠٢]*
*أيها المسلمون:-*
هل يجرُأُ بعد هذه الآيات، هل يجرُأُ بعد سماع هذه الآيات، من في قلبه حبة خردل من إيمان، أن يتعلم ٱلسِّحۡرَ، أو يتعاطاه، أو يلجأ للسِّحۡرَ ليشتري ما ليشتري، ما يوبق دنياه وأخراه.
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ،... » الحديث متفق عليه.
السحر داءٌ خطير، وشرٌ مستطير، له حقيقة خفية، وضرر محقق، يهدم البيوت، ويتلف الجسد، ويخرب البيوت، ويقطع الأرحام، ويورد النار، فيه تدمير للأسر والمجتمعات، وفيه نصب واحتيال، وأكل لأموال الناس بالباطل، بل فيه ما هو أعظم من ذلك، وهو الكفر بالله -عزَّ وجلَّ-، وهدم الدين، ونسف العقيدة والتوحيد، حتى إن الرجل لو كان يصلي خمسين سنة، واعتمر مئات المرات، وحج عشرات المرات.
ثم صدق بالسحر، وتعامل به حبطت اعماله كلها، وكفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لذا فقد اتفقت الشرائع السماوية، على تحريم لسحۡر، وسماه الله كفرا، وحذر منه في القرآن الكريم، ولم يجعل لصاحبه في الآخرة نصيبا ولا حظا،
قال الله:- *{وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ﴾[البقرة : ١٠٢]*
يقول الإمام الذهبيُ رحمه الله: فترى خلقاً كثيراً من الضلال، يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط، وما يشعرون أنه الكفر وما يشعرون أنه الكفر ،والخروج من الإسلام والعياذ بالله.
*أيها المؤمنون:-*
السحر هو بضاعة الشيطان، وله تأثير في القلوب والأبدان، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، إلى غير ذلك من الأخطار والأضرار.
*السحر:-*
يلجأُ إليه ضعاف الإسلام والإيمان، طمعاً في الأموال، أو طرداً للاوهام، وبغياً على عباد الله، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله.
*السحر:-*
بغيٌ ومكر، وخبث وظلم، والساحر يظلم نفسه، ويغضب ربه، ويخسر دينه، ويوقع نفسه في سخط الله ومقته.
*وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ*
الساحر مفسدٌ فاجر، سيءٌ الحال، خبيث الفعال، قبيح الخصال، دائم الذلة، ملازم للفقر والقلة، قد نزعت من قلبه الرحمة، وباع نفسه للشيطان، وأوبق دنياه وآخرته.
*(وَلَا یُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَیۡثُ أَتَىٰ)*
لا تجد ساحراً أبدا، لا تجد ساحراً سعيدا أبدا، وإن أوهم الناس بجلب السعادة لهم، ولا تجد ساحراً غنيا، وإن خدعهم بدفع الفقر عنهم، فالساحر من أعظم المفسدين، في الأرض، الساحر من أعظم المفسدين في الأرض.
*﴿ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَیُبۡطِلُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ ﴾[يونس : ٨١]*
السحرة حكمهم في دين الله القتل، تطهيراً للأرض من رجسهم، ووقاية للمسلمين من شرهم، لأنهم من المفسدين في الأرض.
قال الله:-
*﴿ إِنَّمَا جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلَّذِینَ یُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن یُقَتَّلُوۤا۟ أَوۡ یُصَلَّبُوۤا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ أَوۡ یُنفَوۡا۟ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَ ٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡیࣱ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ ﴾[المائدة : ٣٣]*
أسمعت أسمعت عبد الله، أن الذين یَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادا، جزاؤهم القتل والصلب، والعياذ بالله، والسحرة من أعظم المفسدين في الأرض، من أعظم المفسدين في الأرض.
ولهذا جاء عن جندب -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:- حد الساحر ضربةٌ بالسيف، رواه الامام الترمذي « حدُّ السَّاحرِ ضربةٌ بالسَّيفِ.، »
وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدَ قال: كتَب عُمَرُ بن الخطاب، « أن اقتُلوا كلَّ ساحرٍ وساحرة، قال: فقتَلْنا ثلاثَ سواحِر. فقتَلْنا ثلاثَ سواحِرَ ،»
وجاء عن حفصة -رَضِيَ اللَّهُ عنْها-، أنها أمرت بقتل جاريةٍ لها سحرتها، فقتلت،
وجاء عند الطبراني بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي، أن ساحراً كان يلعبُ عندَ الوليدِ بنِ عقبةَ، فكان يأخذُ السَّيفَ، ويذبحُ نفسَهُ ويعمل كذا ولا يضرُّهُ، فقامَ جندُبٍ إلى السَّيفَ، فأخذَه فضربَ عنُقَهُ،
ثم قرأ:- ثمَّ قرأَ
*«أفتأتونَ السِّحرَ وأنتُمْ تبصِرون »*
*نعم عباد الله:-*
كم من السحرة يأتون إلى الناس يأتون إلى الناس في الأسواق، ويخيلون إليهم، أنهم يدخلون من فم الجمل ويخرجون من دبره، أو أنهم يضعون الجمر في أفواههم، أو أنهم يطعنون أنفسهم بالسكاكين، وهو أنما هو كذب وتخييل، وإنما هو كذب وتخييل للناس، وليس في الحقيقة شيء، وإنما هو سحر وباطل والعياذ بالله،
قال أبو بكر الجصاص: اتفق السلف، على وجوب قتل الساحر، اسمعت عبد الله، اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، لأنه من المفسدين في الأرض، حتى تطهر الأرض من أرجاسهم، ومن أفعالهم القبيحة.
*أيها المسلمون عباد الله:-*
إن السحرة يتزينون للناس، ربما بالصلاة وبالعبادة وبالصلاح وبالزهد وبالعبادة وبالتقوى، إلى غير ذلك، ولكن اعلموا أن للساحر علامات يعرف بها.
منها أنه يطلب أثر، من من آثار المريض، كالملابس أو غيرها، أو أنه يطلب حيوان بصفة معينة، أو أنه يكتب كتابه، غير مفهومة، أو مخلوطة ببعض الآيات ويعطي المريض حجابا يحتوي على مربعات، بداخلها حروف وأرقام ، هي استغاثات بالجن والشياطين، ومن علامات الساحر أنه يأمر المريض، بأن يعتزل الناس فترة معينة، في غرفة لا تدخلها الشمس،
وهو ما يسمى بالحجم، وأحياناً الساحر يأمر المريض، ألا يمس الماء لمدة معينة، أو يعطيه أشياء يدفنها في الأرض، أو أوراقاً يحرقها ويتبخر بها، وأحياناً الساحر يخبر المريض عن اسمه، واسم أمه، واسم بلده، ومشكلته التي جاء من أجلها، إلى غير ذلك.
*كل هذه عباد الله:-*
بعض العلامات، للسحرة والمشعوذين، والدجلة والكهنة والعرافين، فكونوا على حذر منهم، ويدخل في السحر عباد الله، التنجيم والكِهانة، مما هو دجل وتخبطٌ، من أجل أكل أموال الناس بالباطل.
*ومن ذلكم :-*
التعلق بالنجوم، والمطالع والأبراج والكواكب، فالسحرة يقولون للناس، من ولد في برج كذا، فهو السعيد في حياته، وسيحصل له ما يريد من المال، أو الجاه، أو السلطان، ومن ولد في برج كذا، فهو التعيس المنحوس، وسيحصل له كذا وكذا، من الشرور والبلايا، حتى أن هذا الشر، وهو التنجيم، أصبح ينتشر عبر الجرائد والمجلات، تحت ما يسمى بالأبراج، وكذلك بالفضائيات، كقراءة الكف وقراءة الفنجان، والإستدلال بطوالع النجوم، على السعد، وعلى النحس، وعلى الخير، وعلى الشر، كل ذلك رجم بالغيب، كل ذلك رجم بالغيب، يتعيش به الدجالون والكهنة، ويغرون به الجهلة، والعياذ بالله،
*ومما يدخل بالتحذير من السحر:-*
الذين يذهبون إلى السحرة والمشعوذين، ليطلبوا منهم، أن يسحروا غيرهم من أعدائهم أو أصدقائهم.
فمن سلك هذا المسلك، فهو ظالم لنفسه، معتدٍ أثيم، غايته الانتقام من أخيه المسلم، يذهب إلى هذا الساحر، ليفرق بين فلان وفلانة، أو يمنع فلان، من الزواج بفلانة، أو ينفر فلاناً من أهل بيته.
*فكم عباد الله:-*
كم من البيوت، كانت في سعادة، وفي حب وفي وئام، فجاء إليهم السحر، ففرق بين الزوج، وبين زوجته، وفرق بين الأب وبين أبيه، وفرق بين الشريك وبين شريكه، إلى غير ذلك من الأضرار، من الأضرار، التي يعملها السحرة، ومن يتعامل معهم والعياذ بالله.
*أيها المؤمنون، أيها المؤمنون:-*
لقد انتشر في الأونة الأخيرة، كثيراً من أنواع السحر، والشعوذة، فمن أنواع السحر، سحر التفريق.
وهو الذي جاء في قوله تعالى:-
*{فَیَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ }*
فيفرقون بين الرجل، وبين أمه وأبيه، وأخيه وصديقه وجاره، وكذلك يفرقون بين الشريك وشريكه، في التجارة، وأخطر التفريق، هو التفريق بين الرجل وبين زوجته.
ففي صحيح مسلم، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، فيقولُ أنْتَ أنْتَ، ثم يقعده معه على عرشه في الماء، »
أسمعت يا عبد الله، إن أخطر ما يفعله السحرة، هو التفريق بين الأزواج والعياذ بالله.
*ومن أنواع السحر:-*
سحر التخييل، وفيه يرى المسحور الشيء على غير حقيقته.
كما قال الله:- *﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِیُّهُمۡ یُخَیَّلُ إِلَیۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ ﴾[طه : ٦٦]*
فكثير من الناس يبتلى بهذا النوع، فيخيل إليه، أن كلاباً تأكله، وأن أسودا تفترس، ويعيش في خوف وفي قلق، وفي اضطراب، بسبب هذا السحر، والعياذ بالله.
*ومن السحر سحر الجنون:-*
وبه تظهر على المسحور، أعراض الجنون، وفيه تظهر على المسحور أعراض الجنون، فكم من الناس، كان في صحة، وفي عقل، وفي عافية، فسحر من أحد السحرة، ومن قبل أهل الشر، فأصبح مجنونا، لربما اصبح يرمي بالملابس، ولربما أصبح لا يعقل، ولا يأكل ولا يشرب، وأصبح كالبهيمة، بسبب هذا السحر، ألا فليتق الله السحرة الفجرة، ومن يتعامل معهم.
*ومن السحر عباد الله:-*
سحر المرض، سحر المرض، وفيه يصاب المسحور بالعمى، أو بالشلل، أو بالصمم، أو بالبكم، أو إلى غير ذلك، فيتنقل فيه السحر، ربما أيام، في المعدة، وأيام، في الكلى، وأيام، في القدم، وأيام، في الظهر، ويذهب إلى المستشفيات، وإلى المدن، ولربما إلى العالم، وما يدري المسكين، أنه يعاني من سحور، وأنه يعاني من سحور، أنه يعاني من بعض الأسحار، التي قد عملها له، بعض السحرة، وبعض المجرمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
*~الخطبة الثانية~*
الحَمْدُ للهِ ربِ العَالمِين، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ ربي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين.
*أما بعد عباد الله:-*
المؤمن قد يبتلى بالسحر، فيصيبه منه شيء، وهذا ليس بغريب ولا بمستحيل، فقد وقع السحر على بعض سادات الخلق، فأثر السحرة في بصر مُوسى – عليه السَّلام –، كما ثبت في القرآن الكريم،
وأصيب بالسحر نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،« سحره اليهودي، لَبيدُ بنُ الأعصمِ، في مُشطٍ ومُشاطةٍ، في مُشطٍ ومُشاطة، أي في شعرات النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم خبأها في بئرِ، واستمر البلاء بالنَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ما يقارب ستة أشهر، كما في ـ مُسند الإمام أحمد ـ فكان يُخيَّل إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه يأتي أهله، وهو لا يأتيهم، »
ثم جاءه الفرج، بعد ذلك وعافاه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،
ولكن السحر، ما أثر في نبوته، وما أثر في شريعته، وإنما أثر عليه في باب أهله، وهو شيء قليل، ثم عافاه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،.
*فاعلموا عباد الله:-*
أن السحر داءٌ من الأدواء، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، « ما أنزَلَ اللهُ من داءٍ إلَّا أنزَلَ له شِفاءً،. »رواه البخاري،
*وعلاج السحر:-*
يكون بالرقية الشرعية، من كتاب الله، وسنة رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، كقراءة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، والإخلاص والمعوذتين، وآيات السحر، إلى غير ذلك من الآيات، التي فيها الشفاء، والعلاج، بإذن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،،
*وأيضاً ما جاء من الرقى:-*
في السنة النبوية، ومن الأدعية المباركة، فهذا هو أحسن الأدوية، وانفعها لعلاج السحر،
نعم وقد ذكر العلامة بن باز، رحمه الله، أن من أصيب بالسحر، عليه أن يأخذ سبع ورقات من شجرة السدر، ثم يدقها ويقرأ عليها، ثم يضعها في ماء، ويشرب من ذلك الماء، ويغتسل به، فإن في ذلك شفاء، بإذن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
*ومن علاج السحر أيضا:-*
أن المسحور، إذا عرف بمكان السحر، أن يتلفه، أن يتلفه، ويكون علاج السحر أيضاً كما سمعت عبد الله، بالأدعية وبالأذكار، وبالآيات وبالإلتجاء، إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،.
أما ما يفعل بعض الناس، أنهم يحلون السحر، أنهم يعالجون السحر، بسحر مثله، فهذا حرام، لا يحل أبداً، ولا يجوز الذهاب إلى السحرة، وإلى المشعوذين، وإلى الكهنة وإلى العرافين، وإلى الدجالين،
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَن أتَى عرافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقولُ، فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،» رواه أبو داوود والترمذي، والنسائي وصححه الألباني.
أسمعت عبد الله، أن من ذهب إلى السحرة، وإلى المشعوذين، فصدقهم بما يخبرون، وبما يقولون، فقد كفر بالقرآن الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، « ثلاثةٌ لا يَدخُلونَ الجنَّةَ: مُدمِنُ خَمرٍ، وقاطعُ رَحمٍ، ومُصدِّقٌ بالسِّحرِ،»
أسمعت، أن الذي يصدق بالسحر ويصدق السحرة، أن الجنة حرام عليه، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،« مَن أتى عَرَّافًا فسأَله عن شيءٍ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا .»، رواه مسلم،
هذا مجرد السؤال، أن الصلاة لم تُقبَلْ له أربعين يوما، أما إذا صدق الساحر، وأمن بالساحر، فهذا كفر والعياذ بالله.
*فيا أيها المريض:-
ويا أيها المُبتلى، فيا أيها المريض، ويا أيها المُبتلى، إن ثقتك بالساحر، أو المشعوذ، أشد بلاء، من مرضك، الذي أنت فيه،
فيا عبد الله، إذا بليت، فثق بالله، وارضا به، فهو الذي يكشف البلوى، هو الله الذي يكشف البلوى، هو الله، فارفع يديك إليه، ارفع يديك، إلى من يداويك، ارفع يديك، إلى من يداويك.
*﴿ أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾[النمل : ٦٢]*
*فيا عبد الله:-*
إذا ابتلاك الله -عزَّ وجل-، بشيء من السحر، إياك إياك، أن تذهب إلى السحرة، فتخسر بذلك الدنيا والأخرة، ولكن الجأ إلى الله، واكثر من الدعاء، وعليك بالأذكار وعليك بالرقية الشرعية، وعليك بالأدوية المباحة، فإن في ذلك الشفاء، وإن في ذلك العافية، وإن تأخر الشفاء، فإنه سيأتي.
لأن النبيُّ – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، قال: كما سمعت ما أنزَلَ اللهُ من داءٍ إلَّا أنزَلَ له شِفاء، والسحر داء، وقد أنزل الله له دواء، في كتابه، وفي سنة رسوله – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، فثق بالله، ولجاء إلى الله، وتضرع إلى الله، حتى يعافيك الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بالسحرة والمشعوذين، اللهم عليك بهم، اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم احدا، يا رب العالمين،
أكتب تعليق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق