إقرأ ايضاً

خطبة بعنوان ( الصدق في الاقوال والافعال ) للشيخ / ثروت سويف

Unknown - فيبراير 23 2023

أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلاة الرواتب الشيخ ابن عثيمين

صديق - فيبراير 19 2023

خطبة عن (مناسك الحج – وفاة الشيح ابن حميد) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

صديق - فيبراير 19 2023
جاري تحميل ... كنز الخطباء

إعلان الرئيسية

خطب العقائد

خطبة بعنوان ((التوحيد أولا لو كانوا يعلمون ))



خطبة بعنوان  ((التوحيد أولا لو كانوا يعلمون )) 

71729b35929f82ea9552b3b979c88d35


  الخطبة الأولى 

الْحَمْدُ لِلهِ العزيز الحميد، ناصر الدين بأهل السنة دعاة التوحيد، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، معز من أطاعه واتبع هداه، ومذل من خالف أمره وعصاه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ المجتبى، ورسوله المرتضى، ونبيه المصطفى، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وأصحابه ومن اهتدى.


*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران:١٠٢]*


*﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء :١]*


*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]*


أما بعد عباد الله :-* 

اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وَخَيْر الْهَدْى, هَدْى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أيها المسلمون عباد الله :-

لقد خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وفطره على توحيده، ثم أخذ العهد والميثاق، على ذريته من بعده، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. 


كما قال الله :-  *﴿ وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ ﴾[الأعراف : ١٧٢]*


وفي صحيح مسلم، أن النبيُّ ﷺ قال : قال الله -عزَّ وجلَّ-: « إنِّي خلَقْتُ عبادي حُنَفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشَّياطينُ فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمَتْ ما أحلَلْتُ لهم، وأمَرَتْهم أن يُشرِكوا بي، ما لم أُنزِّلْ به سُلْطانًا، » فمكثت الأرض بعد آدم – عليه الصَّلاةُ والسَّلام – عشرة قرون، لا يعبد فيها إلا الله، جل جلاله، 


ثم بعد ذلك ظهر الشرك، في قوم نوح – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، فبعث الله نوحا، يدعو قومه إلى التوحيد قائلا :-

يَا قَومِي اعبُدوا الله مَالَكُم من إلهٍ غيره.


أيها المؤمنون التوحيد، هو أول دعوة الرسل، ومن أجله بعثوا. 

كما قال الله عزَّ وجل :- *﴿ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِیۤ إِلَیۡهِ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ ﴾[الأنبياء : ٢٥]*


وقال تعالى:- *﴿ وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَۖ﴾ [النحل : ٣٦]ء


فكل الأنبياء، وكل الرسل، بعثوا من أجل التوحيد، وكل رسولِ كان يدعو قومه إلى التوحيد قائلا :-

يَا قَومِي اعبُدوا اللّه مَالَكُم من إلَهٍ غَيره.


التوحيد: هو وصية الأنبياء والرسل، لأبنائهم وأتباعهم من بعدهم، 

قال الله عزَّ وجل :- *﴿ وَوَصَّىٰ بِهَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمُ بَنِیهِ وَیَعۡقُوبُ یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾[البقرة : ١٣٢]*


بل الوصية بالتوحيد، كان الأنبياء يوصون أبناءهم بالتوحيد، وهم في سكرات الموت. 

قال الله عزَّ وجل :- *﴿ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰ⁠حِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ﴾[البقرة : ١٣٣]*


ونبينا ﷺ ، كل دعوته، وكل حياته، في مكة، وفي المدينة، وفي الحضر، وفي السفر، وفي الصحة والمرض، كل حياته كانت في الدعوة إلى التوحيد. 


قال الله:- *﴿ قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝ لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰ⁠لِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ ﴾[الأنعام : ١٦٣]*



بل لقد رب النبي ﷺ أمته من صغرها، على توحيد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قال لابن عباس وهو غلام صغير « يا غلام إني أُعلِّمُك كلماتٍ: "احفَظِ اللهَ يَحفظْكَ احفَظِ اللهَ تَجدْهُ تُجاهَك، إذا سألْتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلَمْ: أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمَعَتْ على أنْ يَنْفَعوكَ بشَيءٍ، لم يَنْفَعوكَ إلَّا بشَيءٍ قد كتبَهُ اللهُ لك، وإنِ اجْتمعوا على أنْ يَضُروكَ بشَيءٍ، لم يَضُروكَ إلَّا بشَيءٍ قد كتبَهُ اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ".»


أيها المؤمنون أيها المؤمنون عباد الله:- التوحيد هو أول ما أمر الله به. 

قال الله -عزَّ وجل- :-  *﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾[البقرة : ٢١]*


فأول أمرٍ في القرآن الكريم، هو الأمر بتوحيد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، التوحيد، من أجله خلق الله الخلق، وقامت السماوات والأرض.

قال الله :- *﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ﴾[الذاريات : ٥٦]* 


وهو حق الله على عباده، عن معاذ بن جبل  -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-، قال : « كُنْتُ رَدِيفَ النَّبيِّ ﷺ : علَى حِمارٍ، فقالَ: يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ على العِبادِ، وما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ؟، قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فقَالَ ﷺ : حَق اللَّهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَق العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا،»


التوحيد هو أول الواجبات، ومن أعظم التكاليفِ والمأمورات، لما بعث النبي ﷺ  معاذًا إلى اليمن، قال له، إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه، إلى أن يوحدوا الله، إلى أن يوحدوا الله، 'متفق عليه' 


التوحيد، هو أول ما يسأل عنه العبد في قبره، أول ما يسأل عنه العبد في قبره، عن توحيده، من ربك ؟ أي من معبودك، لذلك أمرنا الله ألا نموت، ولا نفارق الدنيا إلا على التوحيد. 

كما قال الله :- *﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾[آل عمران : ١٠٢]ء


وفي كل صلاة، يعاهد المسلم ربه، على القيام بتوحيد الله، قائلا :- *﴿ إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ ﴾[الفاتحة : ٥]*


فلا نعبدُ إلا الله، ولا نستعينُ إلا بالله، فلا نعبدُ غير الله، ولا نستعينُ بسواه، -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،. 


أيها المؤمنون : أيها الأخيار والصالحون :-

بالتوحيد ينشرح الصدر، ويطمئن القلب، ويخرج العبد، من عبودية الخلق. 

كما قال الله -عزَّ وجلَّ- :-  *﴿ فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ ﴾[الأنعام : ١٢٥]*


وقال الله، وقال الله :- *﴿ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورࣲ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَیۡلࣱ لِّلۡقَـٰسِیَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ ﴾[الزمر : ٢٢]*


بالتوحيد، بالتوحيد، يتحقق أمن البلدان، ورخاء الأوطان، وسعادة الإنسان. 

كما قال الله :- *﴿ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ ﴾[الأنعام : ٨٢]*


وقال الله :- *﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ  ﴾[النور : ٥٥]* 


فإذا أرادت الأمة الإسلامية، أن تمكن في الأرض، وأن تكون لها الغلبة، والسلطة، على أعداء الله، على اليهود، وعلى النصارى، وعلى المعتدين، وعلى الفاجرين، وعلى الفاسقين. 

إذا أرادت الأمة، أن تبدل بالخوف أمنا، وبالفقر غنى، وبالذل عزى، عليها بتوحيد الله سبحانه وتعالى، عليها بعبادة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، :- 

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ.


عباد الله :- 

بتوحيد الله، تنفرجُ الكروب، وتنكشفُ الهموم. 

قال الله عن نبيه يونس:- 

*﴿ فَنَادَىٰ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴾[الأنبياء : ٨٧]*



ومن دعاء الكرب: « لا إلهَ إلَّا اللهُ العظيمُ الحليمُ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ربُّ العالمين ربُّ العرشِ الكريمِ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ربُّ السَّماواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ العظيمِ»


فبتوحيد الله، -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، تنكشفُ الكروب، وتزولٌ الهموم، قال ابن القيم رحمه الله، ما دفعت شدائد الدنيا، بمثل توحيد الله. 


عباد الله :- 

التوحيد، هو سبب مغفرة الذنوب، 

ورفع الدرجات، 

وتكفير السيئات، 

وإقالة العثرات، 

ومحوي الخطايا والذلات. 

قال الله -عزَّ وجلَّ- :- في الحديث القدسي : « يا ابنَ آدمَ إنك لو أتيتَني بقُرابِ الأرضِ خطايا, ثم لَقِيتَني لا تشركُ بي شيئًا, لأتيتُك بقُرابها مغفرة .» 'رواه الترمذي، وأصله في صحيح مسلم' 


بتوحيد الله، يحيا العبد حياة طيبة، لا شقاء ولا عناء، ولا نكد فيها، 

قال الله -عزَّ وجلَّ- :- *﴿ مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ ﴾[النحل : ٩٧]*

وقال الله:-  *﴿ فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ ﴾[طه : ١٢٣]ء


أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم"




 الخطبة الثانية  

الحَمْدُ للهِ ربِ العَالمِين ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ ربي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين. 


أما بعدُ عباد الله :-

التوحيد يوحد المسلمين، عربهم وعجمهم، شرقهم وغربهم، 

كما قال الله :- *﴿ إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ ﴾[الأنبياء : ٩٢]ء

وقال الله :- *﴿ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ ﴾[آل عمران : ١٠٣]*

وقال الله -عزَّ وجلَّ- :- *{وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ مِنَ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ }[الروم :5 ٣٢]*


التوحيد، كلمةٌ طيبةٌ شامخة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها. 

التوحيد هو كلمة الله العليا، وبه كلم الله موسى، كفاحًا من غير واسطة:- 

*﴿ إِنَّنِیۤ أَنَا ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِی ﴾[طه : ١٤]* 


التوحيد، هو أزكى الكلام، وأثقل شيء في الميزان، وبه يُحرص العبدُ من الشيطان. كما قال النبيُّ – عليه الصَّلاةُ والسَّلام –، « من قال مئة مرة، لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلْكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ،

لَمْ يأتِ أحَدٌ بأفضَلَ ممَّا جاء به إلَّا أحَدٌ قال أكثَرَ مِن ذلكَ  .» 'رواه البخاري'


التوحيد من أغلى وأعلى شعب الإيمان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، «الإِيمانُ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ،» 'رواه الإمام مسلم' 


التوحيد هوالقول الثابت، من تمسك به نجا، في الدنيا والآخرة قال الله: 

*﴿ یُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَیُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِینَۚ وَیَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ ﴾[ابراهيم : ٢٧].*


على قدر تحقيق التوحيد، يكون كمال العبد، وعظمة العبد، وسمو مكانته، فإذا حقق العبد التوحيد، فإنه يكون أمة، بمفرده، 

كما قال الله عن إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ :- 

*﴿ إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ﴾[النحل : ١٢٠].*


فكل من تعلق بالتوحيد، ودافع عن التوحيد، ودافع عن أهل التوحيد، فإن الله يرفعه، في الدنيا والآخرة، فإن نبينا  ﷺ لما بعث بكتاب التوحيد، إلى عظيم الروم، إلى عظيم الروم، قام عظيم الروم، قام عظيم الروم، بصيانة كتاب النبي، ورفعة كتاب النبي، وصانه في صندوق، وصانه في صندوق، ولم يتعرض لإهانته، فدعا له النبي ﷺ ، فبقي الملك فيه، وفي أبناءه، ولم يزل إلى ساعتنا، أما ملك فارس، حينما بعث إليه النبي ﷺ ، بكتاب التوحيد، وبالدعوة إلى التوحيد، قام بتمزيق كتاب النبي، وتقطيع كتاب النبي، مستهزئا، وساخرا، فدعا عليه النبي ﷺ : بتمزيق ملكه، فلم يزل ملكه يمزق، إلى ساعتنا هذه.


وتأملوا عباد الله : 

إلى إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ، – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، حينما ألقي في النار، قامت الضفذع، قامت الضفذع، تطفئ النار، على إمام الموحدين، إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ – عليه الصَّلاةُ والسَّلام –، فعظمها الشرع، ونهى النبي عن قتلها، وفي المقابل فإن الوزع، قام ينفخ النار ويؤججها، على إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ، فأمر النبي بقتلها، واخبرنا بالثواب، والأجر، على من قتلها، قتلة شديدة، في ضربة واحدة.



وهكذا عباد الله :

كل ما يتعلق بالتوحيد، يعظمه الله -عزَّ وجلَّ-، فأعظم آية في كتاب الله، هي آية الكرسي، لأنها احتوت، على توحيد الله، -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأعظم سورة، في القرآن الكريم، هي سورة الفاتحة، لأنها احتوت على التوحيد، وعلى أركان التوحيد.


وهكذا عباد الله :-

أعظم حرفٍ، من حروف العربية، هو حرف الباء، لأنه كان جواب ذرية آدم، حينما سألهم الله :- 

ألستُ بربكم. 

فكان الجواب، بحرف الباء، بلى بلى،  فصار هذا الباء، يبدأ يبدأ به في:- 

*﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ ﴾*

وفي كل سورة من سور القرآن، فمن حقق التوحيد، عظمه الله، ودافع الله عنه. 

كما قال الله :- 

*﴿ ۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰ⁠فِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۗ ﴾[الحج : ٣٨]*

بل الشيطان، لا سبيل له، على الموحدين، المتوكلين.

كما قال الله :- *﴿ إِنَّهُۥ لَیۡسَ لَهُۥ سُلۡطَـٰنٌ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ ﴾[النحل : ٩٩]*


*أيها المؤمنون :-* 

ومن حقق التوحيد، صرفه الله عن المهلكات، والفواحش والموبقات. قال الله عن يوسف – عليه السَّلامُ – :-

*﴿ كَذَ ٰ⁠لِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلۡفَحۡشَاۤءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ ﴾[يوسف : ٢٤]*

فمن حقق التوحيد، أبعد الله عنه المعاصي. والسيئات، والزلات، والهفوات، والمهلكات.


وهكذا عباد الله :-

التوحيد، عباد الله :

من مات على التوحيد، دخل الجنة، كما قال النبي ﷺ : من كان آخر كلامه، من الدنيا، لا إله إلا الله، دخل الجنة، 'رواه أبو داوود'.


وقال عليه الصلاة والسلام، من مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنة، 'رواه مسلم'

بل من حقق التوحيد، وأتى بكمال التوحيد، فإنه يدخل الجنة، مع السبعين الألف، بغير حساب ولا عذاب، 'كما في الصحيحين'.


وقال ﷺ : ما من عبد يتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يقول، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبوابُ الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء، 'رواه الإمام مسلم'


فيا عباد الله :- 

لا إله إلا الله، هي أعظم كلمة، تعطرت بها الأفواه، ونطقت بها الشفاه، قال النبي ﷺ : خير ما قلت، أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.


لا إله إلا الله، من أجلها خلق الله السماوات والأرض، ومن أجلها خلق الله الخلق، ومن أجلها، ومن أجلها قامت الموازين، ومن أجلها فُرق بين الحق والباطل، ولا إله إلا الله، ولا إله إلا الله، هي كلمة عظيمة، من أجلها، أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، ووضع الموازين، وقسم الناس إلى مؤمنين، وإلى كفار، لا إله إلا الله، هي كلمة التقوى، والعروة الوثقى، من تمسك بها نجا، في الدنيا وفي الآخرة. 


فيا عباد الله :-

ما أحوجنا إلى أن نتمسك بتوحيد الله، سبحانه وتعالى، ونعتصم بكتاب الله، وبسنة رسول الله.


وعلينا عباد الله :- 

أن نبتعد كل البعد، عن الشرك، الذي حرمه الله، وهو من أعظم الذنوب، والخطايا، والذلات، والمعاصي، وبإذن الله سيكون الكلام عن الشرك، في خطبة قادمة. 


اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، ودمر أعدائك أعداء الدين. 


اللهم اجعلنا من الموحدين المخلصين، اللهم اجعلنا من الموحدين المخلصين، اللهم اجعلنا من أهل لا إله إلا الله. 


اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة، اللهم اجعلنا ممن يكون آخر كلامه من الدنيا، لا إله إلا الله. 


اللهم أحينا على لا إله الله، وأمتنا عليها وابعثنا عليها، واجعلنا من أهلها. 


اللهم اجعل هذا البلد أمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين. 


رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَةࣰ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ، وأقم الصلاة"








الوسوم:

أكتب تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *