خطبة صلاة الاستسقاء
الخطبة الأولى: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله
الحمد لله أحمده بمحامده التي هو لَها أهل , وأثني عليه الخيرَ كلَّه لا أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه ,أحمده عزّ وجل على كل نعمة أنعَم بها علينا في قديمٍ أو حديث أو سرٍّ أو علانية أو خاصةٍ أو عامة , وأذكره ذِكر من أناب واستغفَرْ وأقبَل على ربِّه ومولاه , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيُّه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شَرعَه , وأشهد أنه بلَّغ الرسالة وأدى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين ,
فما ترك خيراً إلا دلَّ الأمة عليه ولا شراً إلا حذَّرها منه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا.
عباد الله : أما بعد اتقوا الله جلّ وعلا وراقبوه مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعُه ويراه , واعلموا رعاكم الله أن تقوى الله جلّ وعلا أساس السعادة وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة , وهي خير زادٍ يبلغ إلى رضوان الله كما قال الله جلّ وعلا :
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ أيها المسلمون : إنَّ هذه الصلاة المباركة والجمعَ المبارك الذي منَّ الله به علينا صبيحَةَ هذا اليومِ بالاجتماع لَه وفي هذه البقعة والمسجد المبارك
إنها صلاةٌ عظيمةٌ شُرعت في الإسلام عندَ جدبِ الديارِ والحاجَةِ إلى الأمطارِ والرغبة في سُقيا الماء بأن يُقبِلَ المسلمون على الله جلّ وعلا إِقبالاً صادقا تائبين منيبين خاضعين متذلّلين بين يدي الغفارِ الرحيم الجواد المحسِن المنانِ العظيمِ سبحانه وتعالى الذي يَقبَلُ التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويجيب الدعوات يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوءَ ،
فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن , ولا حول ولا قوة إلا بالله جلّ وعلا : ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾.
فالغرضُ - عباد الله – في اجتماعنا أن نُقبِلَ على الله جلّ وعلا إقبالاً صادقاً , نستغفر إلى الله جلّ وعلا من ذنوبِنا وخطايانا ونتوب توبةً صادقةً ونَمُدُّ أَيْدِيَ الدعاء إلى الله جلّ وعلا سائلين مُلِحِّين أن يَقبَلَ توبتنا وأن يُقيلَ عثرتنا وأن يتجاوز عن خطيئتنا وأن يرحم ضعفنا وأن يتقبل منا ؛ فإنه جلّ وعلا لا يرد عبداً دعاه ولا يُخَيِّبُ مؤمناً ناجاه ، وهو القائل سبحانه :
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا.
ألا فاتقوا الله - عباد الله -، واعلموا أنكم وما تأمُلون من هذه الدنيا ضُعفاء مُؤجَّلون، ومَدينون مُطالَبون، وإن الأجلَ منقوص، والعملَ محفوظ. فلله؛ كم من دائبٍ مُضيِّع، وكم من كادحٍ خاسرٍ!
وإنكم - أيها المسلمون - قد أصبَحتم في زمنٍ لا يزدادُ الخيرُ فيه إلا قلَّة، ولا الشرُّ فيه إلا كثرة، ولا الحقُّ فيه إلا خفاءً، ولا الباطلُ إلا شُيوعًا. لقد كثُر الطمع، واشتدَّ الجزَع، وظهرَ الرِّبا، وكثُر الغشُّ، وشاعَت الرِّشوة، وعمَّ الغُلول.
ألا إن الواحدَ منَّا ليَرَى في غير ما سبيلٍ طُغيانَ النفاق، وانتِشار الكذبِ والزُّور، والرِّياء والسُّمعة، واعتلاء صيحَات المُتمرِّدين عن دينِهم، المُتسلِّلين عنه لِواذًا، والمُستهزِئين بشريعتِهم.
ومن قلَّبَ طرفَه بعين بصيرتِه فإنه لا يُبصِرُ إلا فقيرًا يُكابِدُ فقرَه، أو غنيًّا بدَّل نعمةَ الله كُفرًا، أو بخيلاً اتخذَ البُخلَ بحقِّ الله وَفرًا، أو مُتمرِّدًا عن حدود الله كأن في أُذنَيه من سَمْع المواعِظ والزواجِر وقرًا، إلا من رحِمَ ربي، وقليلٌ ما هم.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا.
لقد رجعَ فِئامٌ من الناس على أعقابِهم، فغالَتهم السُّبُل، فاتَّخذوا من دون الله ورسولِه والمؤمنين وليجَة. ولقد وصلَ أقوامٌ غيرَ الرَّحِم، وهجَروا السببَ الذي أمرَهم الله أن يُوصَل،
ومُحصِّلةُ تلك الأمور - عباد الله -: خفاءٌ في الحق، وخمولٌ في الذِّكر، وقسوةٌ في القلب، ووحشةٌ بين العبد وبين ربِّه، فاستبدلَ أقوامٌ شرًّا بالذي هو خير، وجهلاً بما هو علمٌ ونورٌ، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وهو المُستعانُ وعليه التُّكلان،
(( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ )) نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا.
قد قلت ماقلت إن صوابا فمن الله وإن خطأ فمن نفسي والشيطان....
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ ما يريد.وأشهد أن لا إله إلا الله...
إنكم شكَوتم جدبَ ديارِكم، واستِئخار المطر عن إبَّان زمانه عنكم، وقد أمرَكم الله أن تدعُوه، ووعدَكم أن يستجيبَ لكم.
ولقد كان آباؤُنا وأجدادُنا يخرُجون للاستِسقاء تائبِين مُنيبِين راجِين، فكان لا يُخلِفُهم المطرُ غالبًا، ولربُّما نزلَ عليهم المطرُ وهم في مُصلاَّهم، ولقد كانوا مع فقرِهم وقلَّة ذات اليَد عندهم أكثرَ بركةً منا، وأوسعَ عافيةً؛ وذلك بسبب قُربِهم من الله، وقلَّة معاصِيهم، وشُيُوع العدلِ بينهم، والفِرار من الظُّلم فِرار الصحيحِ من الأجرَب. فلذلك حصَلَ لهم ما حصَلَ من سَعَةٍ في الدين، وبركةٍ في الرِّزق.
فالخيرُ والبركةُ والوَفرةُ - عباد الله - أمورٌ مرهونةٌ بالعدل، والحُكم بشريعة الله، ورفع المظالِمِ عن الناس، وإقامة الحُدود كما أوجبَ الله - جل وعلا -، والتمسُّك بهديِ المُصطفى - صلى الله عليه وسلم -، والعضِّ عليه بالنواجِذ. أستعفر الله...3
عباد الله : تأسَّوْا بنبيكم في قلب الرداء تفاؤُلاً بتغيِّر الأحوال بإذن الله جلّ وعلا , وصلى الله وسلّم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا , اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا , اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دِقَّها وجلَّها, اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ,
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات , اللهم اغفر ذنوبَ المذنبين من المسلمين , وتب على التائبين , اللهم اغفر ذنوبَنَا وتَقَّبلْ توبتنا , اللهم اغفر لنا وارحمنا يا غفور يا رحيم .
اللهم إنا نستغفرك إنك كنتَ غَفَّارَا فأرسل السماء علينا مدرارا , اللهم أرسل السماء علينا مدرارا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا هدمٍ ولا عذابٍ ولا غَرق , اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين , اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين ,
اللهم أغثنا , اللهم أغثنا, اللهم أغثنا , اللهم غيثاً مغيثا ، هنيئاً مريئا ، سَحًّا طبقا ، نافعاً غير ضار ، عاجلاً غير آجل , اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر , اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق .
اللهم إنا نتوجه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت , يا من وَسِعْتَ كل شيء رحمةً وعلما , يا من يجيب المضطر إذا دعاه , يا من يُغيثُ الملهوف ويجبُر الكسير , يا غني يا رحيم يا جواد يا كريم يا محسن يا منّان, اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا ,
اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك , اللهم ولا تؤاخذنا بما فعله السُّفهاء منا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا . اللهم هذه أيدينا إليك مُدَّتْ , ودَعَواتناَ إليك رُفعت , وأنت يا الله لا ترد عبدًا دعاك , ولا تُخَيِّبُ مؤمناً ناجاك ؛ اللهم فأغثنا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا ,
اللهم رحمتَكَ نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين , اللهم لا تكلنا إلا إليك , اللهم لا تكلنا إلا إليك , اللهم لا تكلنا إلا إليك . لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين , لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين , لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
بتاريخ 26 /10 / 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق